فصل: البلاغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.[سورة الزمر: آية 22]:

{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (22)}.

.الإعراب:

الهمزة للاستفهام الإنكاريّ الفاء عاطفة من اسم شرط جازم مبتدأ، {للإسلام} متعلّق بفعل شرح الفاء رابطة لجواب الشرط {على نور} متعلّق بخبر المبتدأ هو {من ربّه} متعلّق بنعت لنور الفاء استئنافيّة، ويل مبتدأ مرفوع، {للقاسية} متعلّق بخبر المبتدأ ويل {قلوبهم} فاعل لاسم الفاعل القاسية {من ذكر} متعلّق بالقاسية والجار للسببيّة {في ضلال} خبر المبتدأ أولئك.
جملة: {من شرح} لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر للتعليل أي: أمن أسلم فمن شرح.
وجملة: {شرح} في محلّ رفع خبر المبتدأ من.
وجملة: {هو على نور} في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: {ويل للقاسية} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {أولئك في ضلال} لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو تعليليّة.

.الفوائد:

ورود من بمعنى عن:
ورد في الآية التي نحن بصددها من بمعنى عن، في قوله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} أي عن ذكر اللّه، وقوله تعالى {يا وَيْلَنا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا} أي عن هذا. وقيل: هي في هذه للابتداء، لتفيد أن ما بعد ذلك من العذاب أشدّ، وكأن هذا القائل يعلق معناها بويل: مثل قوله تعالى {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} ولا يصح كونه تعليقا صناعيا للفصل بالخبر، وقيل: هي فيهما للابتداء، أو هي في الأولى للتعليل، أي من أجل ذكر اللّه، لأنه إذا ذكر قست قلوبهم.
وزعم ابن مالك أن من في نحو زيد أفضل من عمرو للمجاوزة، وكأنه قيل: جاوز زيد عمرا في الفضل، قال: وهو أولى من قول سيبويه وغيره: إنها لابتداء الارتفاع، في نحو أفضل منه، وابتداء الانحطاط في نحو شر منه، إذ لا يقع بعدها إلى. وقد يقال: ولو كانت للمجاوزة لصح أن يحل محلها عن.
هذا وقد أفادت الآية ورود اسم الفاعل بمعنى الصفة المشبهة في قوله تعالى {فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ}. وقاسية اسم فاعل، ولكنها صفة مشبهة، لأنها دلت على صفة ثابتة فيهم، وهذه الصفة رفعت فاعلا وهو {قلوبهم} وتقول القاعدة: إذا ورد اسم الفاعل أو اسم المفعول، ودلا على صفات ثابتة، فيعتبران: صفة مشبهة، مثل: هذا رجل معتدل القامة وعليّ محمود السيرة.

.[سورة الزمر: آية 23]:

{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتابًا مُتَشابِهًا مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (23)}.

.الإعراب:

{كتابا} بدل من أحسن {مثاني} نعت ثان لكتاب منصوب {منه} متعلّق ب {تقشعرّ} {إلى ذكر} متعلّق ب {تلين} بتضمينه معنى تطمئنّ {به} متعلّق ب {يهدي} الواو عاطفة من اسم شرط جازم في محلّ نصب مفعول به مقدّم عامله يضلل الفاء رابطة لجواب الشرط ما نافية مهملة {له} متعلّق بخبر مقدّم {هاد} مجرور لفظا مرفوع محلّا مبتدأ مؤخر، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة فهو اسم منقوص.
جملة: {اللّه نزّل} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {نزّل} في محلّ رفع خبر المبتدأ {اللّه}.
وجملة: {تقشعرّ منه جلود} في محلّ نصب نعت ثالث ل {كتابا}.
وجملة: {يخشون} لا محلّ لها صلة الموصول {الذين}.
وجملة: {تلين جلودهم} في محلّ نصب معطوفة على جملة تقشعرّ.
وجملة: {ذلك هدى اللّه} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {يهدي} في محلّ نصب حال من هدى والعامل فيها الإشارة ذلك.
وجملة: {يشاء} لا محلّ لها صلة الموصول من، والعائد محذوف.
وجملة: {من يضلل اللّه} لا محلّ لها معطوفة على جملة ذلك هدى.
وجملة: {ما له من هاد} في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.

.البلاغة:

1- وصف الواحد بالجمع: في قوله تعالى: {مَثانِيَ} لأن الكتاب جملة ذات تفاصيل، وتفاصيل الشيء هي جملته لا غير، ألا تراك تقول: القرآن أسباع وأخماس، وسور وآيات، وكذلك تقول: أقاصيص وأحكام ومواعظ مكررات، ونظيره قولك: الإنسان عظام وعروق وأعصاب.
2- فائدة التكرير: وفائدته التثنية. والتكرير: ترسيخ الكلام في الذهن، فإن النفوس أنفر شيء عن حديث الوعظ، فما لم يكرر عليها، عودا عن بدء، لم يرسخ فيها، ولم يعمل عمله، ومن ثم كانت عادة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أن يكرر عليهم ما كان يعظ به وينصح، ثلاث مرات، وسبعا، ليركزه في قلوبهم، ويغرسه في صدروهم.
3- التجسيد الحي: في قوله تعالى: {تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ}.
في هذا المقطع من الآية نكت بلاغية بديعة، وأهمها التجسيد الحي، حيث أراد سبحانه أن يجسد فرط خشيتهم، فعرض صورة في الجلد اليابس، وصورة من الشعر الواقف. ألا نقول: وقف شعر رأسه من الخوف، وفي ذكر الجلود وحدها أولا، وقرنها بالقلوب ثانيا، لأن الخشية التي محلها القلوب، مستلزمه لذكر القلوب، فكأنه قيل: تقشعر جلودهم، وتخشى قلوبهم في أول الأمر، فإذا ذكروا اللّه، وذكروا رحمته وسعتها، استبدلوا بالخشية رجاء في قلوبهم، وبالقشعريرة لينا في جلودهم.
وقيل: المعنى: أن القرآن لما كان في غاية الجزالة والبلاغة، فكانوا إذا رأوا عجزهم.
عن معارضته اقشعرت الجلود منه إعظاما له وتعجبا من حسنه وبلاغته، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر اللّه.

.[سورة الزمر: آية 24]:

{أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (24)}.

.الإعراب:

الهمزة للاستفهام الإنكاريّ الفاء عاطفة من اسم موصول في محلّ رفع مبتدأ خبره محذوف تقديره كمن أمن منه {بوجهه} متعلّق ب {يتّقي} {يوم} ظرف زمان منصوب متعلّق ب {يتّقي} الواو واو الحال {للظالمين} متعلّق ب {قيل} ما موصول في محلّ نصب مفعول به بحذف مضاف أي جزاء ما كنتم، والعائد محذوف.
جملة: {من يتّقي}... {كمن أمن} لا محلّ لها معطوفة على مستأنف مقدّر أي: أكل الناس سواء فمن يتّقي.
وجملة: {يتّقي} لا محلّ لها صلة الموصول من.
وجملة: {قيل} في محلّ نصب حال بتقدير قد.
وجملة: {ذوقوا} في محلّ رفع نائب الفاعل.
وجملة: {كنتم تكسبون} لا محلّ لها صلة الموصول ما.
وجملة: {تكسبون} في محلّ نصب خبر كنتم.

.البلاغة:

الكناية: في قوله تعالى: {أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ}.
الاتقاء بالوجه، كناية عن عدم ما يتقى به، إذ الاتقاء بالوجه لا وجه له، لأنه لا يتقى به، ولا يخلو عن خدش. وأما الذي يتقى به فهما اليدان، وهما مغلولتان إلى عنقه. وقيل: هو مجاز تمثيلي، لأن الملقى في النار لم يقصد الاتقاء بوجهه، ولكنه لم يجد ما يتقي به غير وجهه، ولو وجد لفعل، فلما لقيها بوجهه كانت حاله حال المتقي بوجهه، فعبر عن ذلك بالاتقاء، من باب المجاز التمثيلي.

.[سورة الزمر: الآيات 25- 26]:

{كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (25) فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (26)}.

.الإعراب:

{من قبلهم} متعلّق بمحذوف صلة الموصول الفاء عاطفة في الموضعين {حيث} اسم مبنيّ على الضم في محلّ جر بحرف الجرّ متعلّق ب {أتاهم} لا نافيّة.
جملة: {كذّب الذين} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {أتاهم العذاب} لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: {لا يشعرون} في محلّ جرّ مضاف إليه.
(26) {في الحياة} متعلّق ب {أذاقهم} الواو استئنافيّة اللام لام الابتداء للتوكيد {لو} حرف شرط غير جازم.
وجملة: {أذاقهم اللّه} لا محلّ لها معطوفة على جملة أتاهم العذاب.
وجملة: {عذاب الآخرة أكبر} لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {كانوا يعلمون} لا محلّ لها استئنافيّة، وجواب الشرط محذوف تقديره ما كذّبوا رسلهم في الدنيا.
وجملة: {يعلمون} في محلّ نصب خبر كانوا.

.[سورة الزمر: الآيات 27- 28]:

{وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (27) قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (28)}.

.الإعراب:

الواو استئنافيّة اللام لام القسم لقسم مقدّر قد حرف تحقيق {للناس} متعلّق ب {ضربنا} {في هذا} متعلّق ب {ضربنا} {القرآن} بدل من ذا- أو عطف بيان عليه- مجرور {من كلّ} متعلّق ب {ضربنا}.
جملة: {ضربنا} لا محلّ لها جواب القسم المقدّر وجملة القسم المقدّرة لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: {لعلّهم يتذكّرون} لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو تعليليّة-.
وجملة: {يتذكّرون} في محلّ رفع خبر لعلّهم.
(28) {قرآنا} حال منصوبة موطّئة- أو مؤكّدة للفظ القرآن، {غير} نعت ثان ل {قرآنا} منصوب.. أو حال.
وجملة: {لعلّهم يتّقون} لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو تعليل لجعل القرآن عربيا.
وجملة: {يتّقون} في محلّ رفع خبر لعلّ.

.البلاغة:

1- الاستعارة التصريحية: في قوله تعالى: {عِوَجٍ} لفظ العوج مختص بالمعاني، دون الأعيان. وقيل المراد بالعوج: الشك واللبس.
وأنشد:
وقد أتاك يقين غير ذي عوج ** من الإله وقول غير مكذوب

فالعوج: استعارة تصريحية.
2- التشبيه المقلوب: في قوله تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}.
وأصل الكلام: أنجعل المفسدين كالمصلحين والفجار كالمتقين، ولكنه عكس، مبالغة ومسايرة لظن الكافرين بأنهم أرفع مكانة من المؤمنين المتقين في الآخرة، كما أنهم كذلك في الدنيا، لأن الأصل أن يشبه الأدنى بالأعلى.

.الفوائد:

أقسام الحال:
تنقسم باعتبارات:
1- الأول: انقسامها باعتبار انتقال معناها ولزومه إلى قسمين: منتقلة، وهو الغالب، وملازمة، وذلك واجب في ثلاث مسائل:
إحداهما: الجامدة غير المؤولة بالمشتق، نحو هذا مالك ذهبا هذه جبّتك خزّا بخلاف نحو بعته يدا بيد بمعنى متقابضين، وهو وصف منتقل، وإنما لم يؤول في الأول لأنها مستعملة في معناها الوضعي، بخلافها في الثاني، وكثير يتوهم أن الحال الجامدة لا تكون إلا المؤولة بالمشتق، وليس كذلك.
الثانية: المؤكدة نحو {وَلَّى مُدْبِرًا} وقولك هو الحق صادقا لأن الصدق من لوازم الحق وصفاته.
الثالثة: التي دل عاملها على تجدد صاحبها، نحو {خُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفًا} وقولهم خلق اللّه الزرافة يديها أطول من رجليها.
2- الثاني: انقسامها بحسب قصدها لذاتها، وللتوطئة بها، إلى قسمين: مقصودة وهو الغالب، وموطئة وهي الجامعة الموصوفة، نحو {فَتَمَثَّلَ لَها بَشَرًا سَوِيًّا} إنما ذكر بشرا توطئة لذكر سويا، وتقول: جاءني زيد رجلا محسنا وكذلك قوله تعالى في الآية التي نحن بصددها {قُرْآنًا عَرَبِيًّا} و{قرآنا} حال من كلمة {القرآن} في الآية السابقة وهي حال موطئة، فذكر {قرآنا} توطئة لذكر {عربيا}. ورأينا في هذا المثل كيف أن الحال في المعنى هو الصفة التي جاءت بعد الحال الموطئة، فكلمة {عربيا} هي الحال من ناحية المعنى لا الإعراب.
3- الثالث: انقسامها بحسب الزمان إلى ثلاثة: مقارنة: وهو الغالب، كقوله تعالى {وَهذا بَعْلِي شَيْخًا} ومقدرة كقوله تعالى {فَادْخُلُوها خالِدِينَ} {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ} أي مقدرا ذلك في المستقبل، ومحكية، وهي الماضية نحو جاء زيد أمس راكبا.
4- الرابع: انقسامها بحسب التبيين والتوكيد إلى قسمين: مبينة، وهو الغالب، وتسمى مؤسسة أيضا، ومؤكدة: وهي التي يستفاد معناها بدونها، وهي ثلاثة:
أ- مؤكدة لعاملها كقوله تعالى {وَلَّى مُدْبِرًا}.
ب- ومؤكدة لمضمون الجملة: نحو زيد أبوك عطوفا.
ح- ومؤكدة لصاحبها، نحو: جاء القوم طرّا وقوله تعالى: {لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا}.